شهدت المنطقة الكثير من الصراعات التي أثرت بشكل كبير على بنيتها الاجتماعية والسياسية، مما جعل تنظيم المجتمع أحد الضرورات الملحة لتحقيق الاستقرار والتنمية. بعد هذه الصراعات، كان لا بد من تفعيل مؤسسات الخدمات وتشكيل الأحزاب السياسية التي تلعب دورًا أساسيًا في إعادة الحياة إلى المنطقة. كان تأسيس الأحزاب السياسية موجهًا بشكل أساسي لتنظيم القوى المجتمعية والشبابية عبر إشراكهم في المؤسسات التي تهدف إلى خدمة المجتمع المحلي.
لقد أسهمت هذه الأحزاب السياسية في تفعيل العديد من المجالس المحلية والبلديات، كما لعبت دورا بارزا في قطاعات التعليم والصحة. بالإضافة إلى ذلك، تدخلت منظمات محلية ودولية للمساهمة في إعادة تأهيل البنية التحتية، وهو ما كان له أثر بالغ في إعادة الحياة إلى أساسيات المجتمع، مثل التعليم والصحة، وتوفير الخدمات الأساسية.
الوجهاء العشائريون كان لهم دورٌ فعالٌ في هذه المرحلة، حيث ساهموا بشكل ملحوظ في نشر ودعم فكرة الإدارة الذاتية. من خلال مشاركتهم مع الشباب، تمكنوا من تعزيز ثقافة التعاون والمشاركة الجماعية، مما ساعد على تحقيق تماسك اجتماعي وسياسي متين. من جانب آخر، كان لتفعيل دور المرأة في المجتمع أثرٌ إيجابيٌ على مستوى النهوض بالمجتمع ككل، حيث تم إشراك النساء في عملية التنظيم الاجتماعي والسياسي، مما زاد من تنوع وتمثيل الفئات المجتمعية المختلفة.
التنظيم الاجتماعي لا يقتصر على الأحزاب السياسية فقط، بل يمتد ليشمل تنظيم المجتمع المدني بكل مؤسساته. فالإدارة الذاتية والأحزاب تسهم بشكلٍ أساسي في تحقيق التوازن والتعاون بين مختلف المكونات المجتمعية. لقد هزت الثورة السورية الشعب على مستوى التنظيم المجتمعي، حيث فقدت العديد من المناطق قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية وإدارة شؤونها.
لكن مع التوجه نحو التنظيم الاجتماعي، سواء من خلال المجالس المحلية أو اللجان المجتمعية أو المنظمات، تم استعادة هذه القدرة تدريجيًا. أصبح من الواضح أن التنظيم هو المفتاح الذي يسمح للمجتمعات بالنهوض من جديد بعد الصراعات، حيث إنه يساهم في توزيع الموارد بشكلٍ عادل وتقديم الخدمات بفعالية، كما يتيح مشاركة أوسع للأفراد في صنع القرار.
في هذا السياق، يظهر حزب الوطن السوري كأحد النماذج التي استطاعت العمل على تنظيم المجتمع بشكلٍ فعال. إيمانا بمبادئ الحزب وأهدافه، كانت هناك جهود مستمرة لتطوير التنظيم الداخلي، مع التركيز على تطبيق أساليب عمل حزبية حديثة. يعمل الحزب على تجديد نفسه باستمرار ليواكب التطورات السياسية والاجتماعية التي تشهدها سوريا، وهو ما يجعله دائما في مقدمة المشهد السياسي والاجتماعي.
تجربة حزب الوطن السوري في التنظيم تُعتبر مثلاً يحتذى به للأحزاب الأخرى، حيث يركز على تطوير بنيته التنظيمية والعمل على تمكين الشباب والمرأة ليكونوا جزءامن الهيكل الاجتماعي والسياسي. يسعى الحزب إلى إيجاد بيئة تمكينية تساهم في تعزيز دور المؤسسات الاجتماعية والسياسية في بناء مستقبل مستقر ومزدهر.
إن أهمية التنظيم الاجتماعي تكمن في دوره الحاسم لتحقيق الاستقرار والتقدم. سواء كان ذلك من خلال الأحزاب السياسية، أو المجالس المحلية، أو منظمات المجتمع المدني، فإن التنظيم هو العمود الفقري الذي يبنى عليه أي مجتمع قوي ومتماسك.
بقلم عضو المجلس المركزي لحزب الوطن السوري عكلة السعيد