في قلب الأزمات الكبرى وحين تتصدّع البنى السياسية والاقتصادية تبقى المجتمعات الحية قادرة على ترميم نفسها من الداخل متكئة على عناصر القوة الحقيقية في نسيجها الوطني والاجتماعي، وفي الحالة السورية التي تواجه تحديات متراكبة منذ سنوات تبرز المرأة كأحد أهم ركائز التماسك المجتمعي، لا من باب المجاملة بل من موقع الدور الفعلي الذي تقوم به في مختلف الميادين داخل الأسرة وفي الحقل التربوي وساحات العمل المدني والنضال المجتمعي.
إن الحديث عن دور المرأة في التماسك الاجتماعي لم يعد ترفاً فكرياً بل هو ضرورة واقعية تفرضها المعطيات على الأرض، فمع اتساع رقعة التدهور الاقتصادي وتفكك بعض البنى التقليدية وضعف الحضور المؤسسي تحولت المرأة إلى عمود فقري لصمود العائلات وتنشيط المبادرات ومواجهة آثار التهجير والفقر والتهميش.
المرأة السورية ليست فقط أمّاً لأسرة، بل هي صانعة للأمل، وهي التي تعيد ترتيب الحياة اليومية في ظل ما تعرض له الوطن من تشظٍّ وانقسام وتبقى الرابط الحي بين الأفراد مهما اشتدّت العواصف.
وترى الاء الحمد بأن المرأة السورية أثبتت خلال السنوات الماضية أنها حجر أساس في التماسك الاجتماعي خاصة في ظل غياب الدعم المؤسساتي وانتشار الفقر والنزوح والانقسام.
آلاء الحمد عضوة المجلس المركزي في حزب الوطن السوري
وأكدت الحمد أن المرأة لم تكتفِ بدورها التقليدي بل شاركت في حماية القيم المجتمعية وتنظيم المبادرات التعاونية وتحملت أعباء كبيرة في إدارة شؤون الأسرة والمجتمع في آن واحد، ومشيرة إلى أن التماسك المجتمعي لا يمكن أن يُبنى أو يُصان دون مساهمة المرأة الفاعلة التي استطاعت رغم كل التحديات أن تحافظ على النسيج الاجتماعي الحي، وأن تنقل صوتها ومواقفها عبر الفعل والتأثير والعمل الميداني.
من جانبها أكدت الدكتورة رندة العجيلي رئيسة فرع الرقة لحزب الوطن السوري أن المرأة في الرقة وفي عموم المحافظات السورية واجهت التحديات بكل شجاعة وصبر واستطاعت أن تملأ الفراغات التي تركها غياب الدولة وتفكك بعض البنى المجتمعية.
الدكتورة رندة العجيلي رئيسة فرع الرقة لحزب الوطن السوري
وأضافت العجيلي أن النساء ساهمن في تنظيم الحياة اليومية ومساندة العائلات والاهتمام بالتعليم والعمل التطوعي ورعاية الفئات الهشّة، لافتة إلى أن دور المرأة لم يكن رديفاً بل مركزياً، وأن المجتمع الذي لا يعترف بقدرتها على القيادة والعمل هو مجتمع محكوم بالضعف.
وشددت العجيلي على أن تمكين المرأة في المرحلة القادمة يجب أن يكون أولوية وطنية لما له من تأثير مباشر في حفظ الاستقرار وإعادة بناء النسيج الوطني على أسس عادلة.
وتجدر الإشارة إلى أن تمكين المرأة السورية ليس ترفاً ولا مطلباً جانبياً بل هو حجر أساس في إعادة بناء مجتمع متماسك عادل وقادر على تجاوز محنه، فمن دونها لا يمكن الحديث عن استقرار أو نهوض حقيقي لأن المرأة كانت ولا تزال في قلب كل عملية بناء وصمود وطني،
لقد أثبتت أنها قادرة على القيادة والإنجاز في أصعب الظروف وتحملت أعباء الحرب والانهيار المؤسسي وتقدمت الصفوف في التعليم والرعاية والمبادرة المجتمعية، وعليه فإن شراكتها الفعلية اليوم ليست خياراً بل ضرورة وطنية تضمن مستقبل سوريا الموحدة القوية والمتجددة بوحدة مجتمعها ومساهمة كل أبنائه وبناته في صناعة الغد.