تشهد مناطق الساحل السوري كارثة بيئية وإنسانية متفاقمة تسببت بها حرائق واسعة النطاق أتت على الأخضر واليابس وألحقت أضرارا جسيمة بالغابات والمزارع والممتلكات، وقد تسببت هذه الحرائق في تهجير مئات العائلات وانقطاع الخدمات الأساسية، مثل الماء، والكهرباء، إضافة إلى خسائر بيئية واقتصادية غير قابلة للتعويض وتهديد مباشر للتنوع الحيوي الذي ميز الساحل لعقود.
اللافت في هذه الحرائق تزامنها مع ظروف سياسية واجتماعية حساسةما يجعل من الضروري فتح تحقيقات شفافة وطنية ودولية لتحديد أسبابها الحقيقية والكشف عما إذا كانت مفتعلة أو نتيجة إهمال أو عوامل طبيعية ومعرفة من المستفيد من تدمير الغطاء النباتي وتفريغ القرى من سكانها في سياق مصالح قد تكون بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية.
وتتعالى الدعوات اليوم لإعلان المناطق المنكوبة كمناطق كوارث بيئية ووضع خطة وطنية متكاملة تتضمن التعويض الفوري للمتضررين وإعادة التشجير والتصدي لجذور الأزمة.
وبهذا الصدد، قالت الرفيقة راما حسين رئيسة فرع طرطوس في حزب الوطن السوري بأنهم أمام كارثة بيئية وإنسانية غير مسبوقة في الساحل السوري الحرائق التي امتدت لأيام التهمت أكثر من مئة كيلومتر مربع من الغابات أي ما يعادل أكثر من ثلاثة في المئة من الغطاء الحرجي في سوريا وهو رقم صادم وغير مقبول.
راما حسين – رئيسة فرع طرطوس في حزب الوطن السوري
وأشارت حسين إلى أن الخسائر لم تقتصر على الطبيعة فقط بل شملت تهجير أكثر من ألف شخص وانقطاع المياه والكهرباء ونفوق المواشي وتفجير ألغام وذخائر نتيجة الحريق.
وحذرت من أن المشكلة اليوم ليست فقط في ما حصل بل في ما سيأتي من نقص في مياه الشرب وخطر الانجرافات والتصحر وهذه تداعيات أخطر من الحريق نفسه
ودعت إلى إعلان المناطق المتضررة كمناطق كوارث وتأمين مياه الشرب للقرى المنكوبة ووضع خطة عاجلة للتعويض وإعادة التشجير إضافة إلى معالجة الخلل في منظومة الاستجابة ما حصل كان اختباراً لجهوزيتنا وكانت النتيجة مؤسفة ولا بد من مصارحة ومحاسبة.
من جانبه، لفت الرفيق وليم حمدان عضو قيادة فرع طرطوس لحزب الوطن السوري، إلى إن الساحل السوري اليوم في حالة قلق وترقب من المجهول، الحرائق التهمت الشجر والحجر وحرقت ذاكرة المكان الغابات التي تغنى بها السوريون تحولت إلى رماد وهذا أمر موجع بكل المقاييس.
وليم حمدان عضو قيادة فرع طرطوس لحزب الوطن السوري
وأشار حمدان إلى أن الغطاء النباتي لم يكن فقط ثروة بيئية بل كان أيضاً مصدراً سياحياً واقتصادياً وبيئياً بالغ الأهمية وله دور في التوازن المناخي وجذب الأمطار ما جرى شكل صدمة نفسية عميقة لكل السوريين وخاصة أبناء المناطق المتضررة.
ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة قائلا علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي يجب أن نعيد الحياة إلى المناطق المتضررة من خلال إعادة التشجير واتخاذ إجراءات استباقية تمنع تكرار الكارثة، من أبرزها فتح طرقات خدمية داخل الغابات وإنشاء مستوعبات مائية وإحداث مراكز للإنذار المبكر وتأسيس فوج خاص بإطفاء حرائق الغابات مجهز ومدرب بشكل كامل.
وشكر وليم حمدان في ختام قوله رجال الإطفاء السوريين على بطولتهم والشكر موصول لدول الجوار ولكل من ساهم ويساهم في إخماد هذه النيران وتحية خاصة لأهلنا في الحسكة الذين أرسلوا صهاريج وآليات لمؤازرة الساحل السوري ما جرى كان مأساة لكنه أيضا فرصة لتوحيد الجهود الداخلية والخارجية في سبيل إنقاذ ما تبقى من جمال سوريا وحماية الإنسان السوري من عبث المصالح الضيقة.
إن معالجة هذه الكارثة تتطلب الإسراع بإعلان المناطق المتضررة كمناطق كوارث بيئية وبتأمين الحماية الفورية للأهالي المتأثرين من خلال إيصال مياه الشرب وتقديم المساعدات والخدمات الأساسية إضافة إلى ضرورة تعويضهم تعويضاً عادلاً وشاملاً كما يجب وضع خطة شاملة لإعادة التشجير بشكل مدروس واستصدار قوانين تمنع ظهور أي مشاريع استثمارية مشبوهة على أنقاض الغابات المحروقة والعمل بشكل حثيث على تثبيت حقوق السكان المحليين في أراضيهم ورفض أي محاولة لتهجيرهم أو تهميشهم وفي موازاة ذلك فإن فتح تحقيقات شفافة ومحايدة محليا ودولياً حول أسباب الحرائق ومحاسبة كل من يثبت تورطه أو تقصيره أو تستره على الفاعلين بات ضرورة وطنية لا تقبل التأجيل.
فما جرى لم يكن مجرد نيران اجتاحت الأشجار بل إنذار حقيقي لسوريا كلها بأن البيئة والحقوق السكانية باتت في خطر ولا بد من وقفة وطنية شاملة تنهي هذه الدوامة وتعيد للساحل السوري أمانه الأخضر وهيبته الطبيعية.