وحدة سوريا أرضاً وشعباً ليست مجرد شعار يردده السوريون بل هي قناعة راسخة في وجدان كل من ينتمي إلى هذا الوطن بكل مكوناته وأطيافه فالتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا في سوريا تتكامل لتشكل وحدة لا يمكن تفكيكها لا بحسابات السياسة ولا بخطابات التقسيم فالخريطة السورية ليست مجرد حدود مرسومة على ورق بل نسيج اجتماعي وثقافي وحضاري متشابك يرفض بطبيعته أي محاولة لفصل جزء عن آخر أو مكون عن سواه
إن التعدد الثقافي والديني والإثني الذي تتميز به سوريا ليس سبباً للخلاف بل هو مصدر غنى وثراء متى ما رافقه وعي مجتمعي حقيقي يقوم على احترام الاختلاف وتقبل الآخر هذا الوعي لا يُبنى إلا من خلال ترسيخ مفاهيم التعايش السلمي والانفتاح على ثقافة الحوار وهي القاعدة الأساسية لبناء دولة المواطنة الحقيقية
المواطنة السورية بمعناها المجرد من أي انتماءات ضيقة هي السبيل لجعل كل سوري يشعر بأنه جزء فاعل في بناء الوطن المواطن السوري يستحق أن يعيش بكرامة وأن يحظى بكامل حقوقه دون تمييز بدءاً من حقه في الأمن والسلام وصولاً إلى حقه في العمل والتنمية والعيش الكريم من واجب الدولة أن تضع السياسات التي تضمن ذلك من خلال خلق فرص العمل وتقديم الخدمات الأساسية وتعزيز التنمية المتوازنة حتى لا يُجبر المواطن على الهجرة خارج بلاده بحثاً عن لقمة العيش
لقد آن الأوان لأن يعود أبناء سوريا إلى حضن وطنهم وأن يجدوا فيه العزة والكرامة التي يستحقونها فليس من العدالة أن تتحول خيرات البلاد إلى عبء على مواطنيها وليس من الإنصاف أن تبقى سوريا وطناً جريحاً في حين أنها قادرة على النهوض بأبنائها وهم قادرون على النهوض بها
إن الهوية الوطنية السورية ليست مجرد وثيقة تُحمل في الجيب بل هي شعور بالانتماء وإحساس بالمسؤولية وفخر لا يضاهى سوريا وطن جميل وسيبقى كذلك ما دام أبناؤه أوفياء له وما داموا يرونه ملكاً مشتركاً لا يُحتكر ولا يُقصى فيه أحد
سوريا ستبقى للجميع وستكون كما كانت دائماً وطناً حراً كريماً لكل أبنائها دون استثناء
بقلم المحامي: نعيم شكري محمود