شهدت منطقة الشرق الأوسط، وسوريا على وجه الخصوص، تحولات كبرى عقب الحرب في غزة وجنوب لبنان، وما تبعها من تداعيات سياسية وأمنية. وفي ظل الأوضاع المتأزمة التي تعيشها البلاد، تبرز الحاجة الملحّة إلى رؤية وطنية واضحة لمواجهة التحديات واستشراف المستقبل.
لقد أدت الأوضاع الراهنة إلى تغييرات جوهرية في المشهد السوري، خصوصاً مع استمرار الاحتلال التركي لمناطق سورية كعفرين وتل أبيض ورأس العين، وما نتج عنه من تهجير قسري ونزوح مستمر. هذه التحديات تتطلب استجابة وطنية شاملة تضمن تحقيق الأمن والاستقرار، واستعادة المناطق المحتلة، وتأمين عودة النازحين بشكل طوعي وكريم.
إن مواجهة هذه التحديات تتطلب خطوات عملية ترتكز على وحدة الصف الوطني، وتعزيز العمل المشترك بين القوى السياسية والاجتماعية، بما فيها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وذلك لضمان تحقيق تكامل مجتمعي يعزز التماسك الوطني، ويدفع نحو بناء دولة ديمقراطية تعددية تحترم التنوع الثقافي والمجتمعي الذي يشكل جوهر الهوية السورية.
رؤية حزب الوطن السوري
ينطلق حزب الوطن السوري من كونه حزباً سياسياً جامعاً يمثل مختلف شرائح المجتمع السوري بمكوناته كافة، ويؤمن بالحوار كوسيلة لحل الأزمات والتأسيس لوطن يسوده العدل والمساواة. كما يدعم الحزب مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية كنموذجٍ لإدارة المجتمعات المحلية، ويؤكد ضرورة تعزيز الروابط التاريخية بين جميع المكونات السورية، مع العمل على تصحيح الأخطاء وتقوية العلاقة بين الشعب والإدارة الذاتية، لما لذلك من أثر مباشر في تعزيز الإرادة الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وعلى رأسها التهديدات التركية المستمرة.
في هذا السياق، يولي حزب الوطن السوري أهمية خاصة لتعزيز الحوار بين المكونات المختلفة، سواء على المستوى العربي-الكردي أو العربي-العربي، وكذلك الحوار الكردي-الكردي، باعتبار أن هذه الحوارات ضرورية لتعزيز التفاهم المتبادل، وترسيخ مبدأ الشراكة الوطنية، بعيداً عن الإقصاء والتهميش.
خارطة الطريق نحو سوريا المستقبل
من أجل وضع سوريا على مسار التعافي وإعادة البناء، لابد من اتخاذ خطوات عملية تشمل المحاور التالية:
1. إنهاء الاحتلال التركي: إيقاف التدخلات التركية في الشأن السوري، واستعادة المدن المحتلة، وضمان عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية بكرامة.
2. رفع العقوبات وتحقيق التنمية: السعي لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وتحسين الخدمات العامة، وتعزيز التنمية الاقتصادية.
3. تعزيز الأمن والاستقرار: دعم التعاون بين المكونات المحلية وقوات الأمن السورية الديمقراطية لتحقيق الأمن وحماية السكان.
4. إرساء اللامركزية: بناء نظام لامركزي يمنح صلاحيات واسعة للمجالس المحلية، ويضمن مشاركة جميع المكونات في صنع القرار.
5. صياغة دستور ديمقراطي: إشراك جميع القوى الوطنية في كتابة دستور يضمن حقوق جميع السوريين، ويؤسس لدولة مدنية ديمقراطية.
6. تمكين المرأة والشباب: ضمان مشاركة فعالة للمرأة في المؤتمر الوطني العام، وتعزيز دور الشباب في الحياة السياسية والاجتماعية عبر برامج تدريبية وتوعوية.
7. إصلاح النظام التعليمي والثقافي: تطوير مناهج تعليمية تعكس التنوع الثقافي واللغوي، وتعزيز الفعاليات الثقافية المشتركة.
8. تحسين البنية التحتية والخدمات: العمل على توفير الخدمات الأساسية في المناطق المهمشة، وتحقيق التنمية المتوازنة.
9. توزيع عادل للموارد: ضمان توزيع عائدات الموارد الطبيعية (النفط، الغاز، الزراعة) بما يحقق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
10. احترام الحريات الدينية والفكرية: ترسيخ حرية المعتقد وممارسة الطقوس الدينية، بما يعكس قيم التعددية والتسامح.
11. تحقيق العدالة الانتقالية: محاسبة مجرمي الحرب ضمن محاكم عادلة، وتعزيز مبادئ العدالة الانتقالية لضمان عدم تكرار الجرائم والانتهاكات.
12. تعزيز قيم المواطنة والانتماء الوطني: بناء هوية وطنية جامعة تحترم التنوع، وتعزز قيم التسامح والتعايش المشترك.
نحو مستقبل مشرق لسوريا
إن حزب الوطن السوري، استناداً إلى مبادئه القائمة على العدالة والمساواة والتنوع، يسعى بكل طاقته إلى تحقيق أهدافه الوطنية في بناء سوريا ديمقراطية، مدنية، تعددية، حرة، تضمن حقوق جميع مكوناتها، وتؤسس لمستقبل أكثر إشراقاً لشعبها.
بقلم: بناز عثمان – عضوة المجلس المركزي