في ظل ما يعيشه وطننا السوري من تحديات سياسية واقتصادية، وفي خضمِّ الصراعات الإقليمية والدولية التي تلقي بظلالها على الداخل، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التمسّك بالنهج الوطني الجامع، الذي يضع مصلحة الوطن فوق كل الولاءات والانتماءات الضيقة.
إن حزب الوطن السوري، ومن منطلق إيمانه الراسخ بوحدة سوريا أرضاً وشعباً، يرى أن الخلاص والاستقرار والتّقدم لا يمكن أن يتحقّق إلا بالانتماء الصادق للوطن، بعيداً عن الحسابات الفئوية والمصالح الخاصة.
لقد عانت سوريا، كما عانت دول أخرى، من محاولات مستمرّة لتقويض وحدتها وتنوّعها عبر تغذية الانقسامات وتعزيز الولاءات الضيقة، وكانت النتيجة مزيداً من الضعف والنزيف والانقسامات التي عطّلت مسار التنمية وأضعفت المؤسّسات، وأثّرت على الثقة بين المواطن والدولة.
ومن هنا، يؤكّد الحزب أن الولاءات الضيّقة لا تشكّل خطراً على النسيج الاجتماعي فحسب، بل هي عائق أمام بناء الدولة المدنية التّعدديّة دولة القانون والمؤسّسات، الدولة التي تعامل أبناءها على أساس المواطنة لا على أساس الانتماء السياسي أو القومي أو المناطقي فالدولة لا تُبنى بالمحاصصة بل بالكفاءة، ولا تنهض بالتمييز بل بالعدالة والمساواة.
إن النهج الوطني الجامع هو الذي يجعل من التّعدّد والتّنوّع قوّة وغنى، لا سبباً للانقسام، إنه المشروع الذي يتّسع للجميع، ويؤمن بالشراكة الحقيقية بين مختلف مكونات المجتمع السوري دون إقصاء أو تهميش، فالوطن ليس ملكاً لفئة دون أخرى، ولا حكراً على من يمتلك السلطة أو القرار، بل هو الفضاء الذي يجمعنا جميعاً تحت راية العقل والمصلحة العليا.
ويشدّد حزب الوطن السوري على أن الالتزام بهذا النهج لا يعني ذوبان الهويات أو التنازل عنها، بل يعني أن يكون الولاء الأول للوطن السوري، ولأمن المواطن وكرامته ومستقبل أجياله فالمواطنة لا تتجزّأ، والانتماء للوطن لا يقبل التفاوض أو المساومة، بل يجب أن يعلو فوق كل اعتبار آخر.
كما يدعو الحزب النخب السياسية والثقافية والإعلامية والدينية إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية في هذه المرحلة الحساسة، عبر صياغة خطاب وطني جامع يعزّز المشاركة والمساءلة، ويعيد بناء الثقة بين المواطن والدولة، فصوت العقل يجب أن يسمو فوق أصوات التحريض، وصوت الوطن يجب أن يتقدّم على أصوات المكاسب الضّيّقة.
إن المرحلة المقبلة تتطلّب مراجعة عميقة وجريئة لماضينا القريب، واستحضار ما يجمع السوريين لا ما يفرّقهم، فسوريا تستحق أن نكون على قدر مسؤوليتها، وأن ننهض بها لا عليها، وأن نعمل جميعاً بإخلاص وصدق لإعادة وجهها الحقيقي كدولة ديمقراطية تعدّديّة تتّسع للجميع، وتحمي الجميع، وتقود الجميع نحو مستقبل نابع من إرادة وطنيّة خالصة.
د. محمد درويش – الناطق الرسمي باسم حزب الوطن السوري