في السنوات الأخيرة فرضت المرأة في شمال وشرق سوريا حضورها بوصفها فاعلا سياسيا ومجتمعيا لا غنى عنه، فمن رحم الصراعات والأزمات برزت نساء المنطقة بوصفهن قائدات وصانعات قرار يشاركن في صياغة السياسات وبناء المؤسسات والدفاع عن حقوق الشعوب والمكونات كافة، في تجربة تعد فريدة على مستوى الشرق الأوسط لم تكن مشاركة المرأة شكلية أو رمزية بل قائمة على تمكين فعلي وانخراط في كافة مجالات العمل السياسي والإداري والعسكري والثقافي.
ترتكز هذه المشاركة على مبدأ المساواة والتشاركية وهو ما تجسد بوضوح في هياكل الإدارة الذاتية الديمقراطية، حيث تحضر المرأة بنسبة وازنة في المجالس والهيئات والمكاتب السياسية والتنفيذية إلى جانب أدوارها الحيوية في منظمات المجتمع المدني والتربية والتعليم والإعلام ومجال العدالة المجتمعية.
وفي ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المنطقة لعبت المرأة دورا رياديا في مواجهة الفقر والتطرف والعنف وفي قيادة مبادرات المصالحة المجتمعية وتعزيز التماسك الأهلي، إضافة إلى تكريس مفهوم العدالة الجندرية في المجتمع بما يتجاوز مجرد التمثيل نحو خلق نموذج نسوي قيادي يوازن بين الكفاءة والانتماء.
فاطمة الفرج عضوة مكتب المرأة في حزب الوطن السوري، قالت إن “المرأة في شمال وشرق سوريا اليوم لم تعد تنتظر أن يمنح لها دور ما بل باتت تصنعه بنفسها وتفرضه من خلال حضورها وكفاءتها ونضالها المستمر”،
مضيفة “نحن نؤمن بأن العدالة لا تكتمل إلا عندما تصبح المرأة شريكة فعلية في القرار السياسي وفي إدارة المؤسسات وفي رسم السياسات العامة”.
فاطمة الفرج عضوة مكتب المرأة
وأكدت الفرج “أن إشراك المرأة في الحياة الحزبية والتنظيمية ليس فقط استجابة لمبدأ المساواة بل هو حاجة وطنية ومجتمعية لبناء سوريا حديثة تستند إلى القيم الديمقراطية والمشاركة الشاملة”.
وختمت بالقول “نحن نواصل النضال من أجل تحصين مكاسبنا وتوسيعها ومن أجل أن تبقى المرأة في موقع المبادرة لا في موقع الانتظار”.
من جهتها، أكدت أميرة الحسون عضوة المجلس المركزي في حزب الوطن السوري أن “المرأة كانت دوما في قلب التحديات لكنها اليوم أصبحت أيضا في طليعة الحلول” مشيرة إلى أن “وجود النساء في مواقع القرار من المجالس المحلية إلى المجلس المركزي ليس مجاملة سياسية بل هو ثمرة نضال طويل وتعبير عن كفاءة وخبرة المرأة السورية التي أثبتت قدرتها على إدارة الملفات الكبرى بكل مسؤولية”.
أميرة الحسون عضوة المجلس المركزي
وشددت الحسون على أن المرأة في شمال وشرق سوريا تقود اليوم تجربة مغايرة تنسف الأنماط التقليدية وتبني نموذجا نسويا وطنيا ينسجم مع قيم المجتمع ويخدم مشروع التغيير الديمقراطي الذي نناضل من أجله جميعا.
المرأة في شمال وشرق سوريا لا تعرف اليوم بوصفها ضحية للحرب أو عنصرا هامشيا في المجتمعات التقليدية بل تقدم بوصفها ركيزة أساسية في مشروع ديمقراطي تعددي يسعى إلى بناء دولة المواطنة والمساواة، ومن خلال العمل السياسي الواعي والمنظم والإصرار على لعب دور قيادي في كافة المجالات تثبت نساء هذه المنطقة أن التغيير الحقيقي يبدأ من إرادة واعية ويبنى على أساس العدل والمشاركة الكاملة.