لطالما كان الشباب في سوريا عنوانا محتملا للتغيير لكنه ظل لعقود خارج المشهد الفعلي محجوبا خلف جدران التهميش ومغيبا عن مراكز التأثير والقرار، فالأجيال الشابة كانت تستدعى فقط في لحظات الحشد أو الشعارات دون أن تمنح حقها في المشاركة الفعلية ودون أن ينظر إليها كقوة منتجة في السياسة والاقتصاد والثقافة.
أنظمة الحكم بشكل عام لم تمنح الشباب موقعا حقيقيا في إدارة الشأن العام بل ساهمت في تحويلهم إلى كتلة صامتة متلقية تنتظر دورا لا يأتي، ومع اندلاع الأحداث الكبرى التي عصفت بالبلاد وجد الشباب أنفسهم في قلب الأزمة من دون أدوات ولا بنى تنظيمية حاضنة.
لكن ما بعد الحرب وما بعد الانكشاف الوطني أعاد الاعتبار للدور الشبابي حيث بات واضحا أن سوريا لن تبنى من جديد إلا بسواعد الجيل الذي دفع الثمن الأكبراذ ان المعادلة تغيرت اليوم ولم يعد مقبولا التعامل مع الشباب كملف ثانوي بل بات واضحا ان مشاركتهم ضرورة حيوية من اجل ولادة سوريا الجديدة دولة المواطنة والعدالة والسيادة الوطنية.
ضمن هذا التحول يفرض الواقع المعاش تقديم رؤية شاملة لدور الشباب وذلك من خلال تمكينهم في كافة المحالات واعتبارهم مفتاح بناء الدولة العادلة التي نطمح إليها، وللوصول لهذا الهدف يستوجب علينا تهيئة بيئة حاضنة للشباب تمكنهم من المبادرة والمشاركة وصياغة السياسات الوطنية انطلاقا من مواقفهم الريادية ومن مواقعهم المجتمعية في مختلف المحافظات.
وبهذا السياق أكدت الرفيقة سارة حسن عضو قيادة مكتب الشباب في حزب الوطن السوري فرع طرطوس أن الوقت قد حان لكسر الصورة النمطية عن الشباب بوصفهم احتياطيا للعمل السياسي، مشددة على أن الشباب اليوم يملكون الوعي الكافي لتحمل المسؤولية والاشتباك مع الواقع من موقع الفاعل لا المفعول به.
سارة حسن عضو قيادة مكتب الشباب في حزب الوطن السوري فرع طرطوس
وأضافت حسن أنه لسنوات طويلة كنا كشباب خارج دائرة التأثير رغم أننا كنا نعيش الأزمات يوميا وندفع ثمن السياسات المفروضة دون أن يكون لنا رأي أو قرار، أما اليوم فنحن في حزب الوطن نعمل على تثبيت موقعنا الطبيعي كشركاء في الرؤية والتنفيذ.
وأشارت إلى أن محافظة طرطوس تمتلك طاقات شابة واعدة لكنها تحتاج إلى فرص حقيقية وبيئة داعمة لتتفجر قدراتها. مشددة على أنهم لا يطالبون بمنحة من أحد بل يطالبون بدور يستحقونه فالعمل الحزبي بالنسبة لهم ليس مجرد نشاط تنظيمي بل مسؤولية تاريخية في إعادة بناء ما تهدم ليس فقط في البنى التحتية بل في الثقة والهوية والانتماء.
بدوره أشار الرفيق أيمن الجاسم عضو قيادة مكتب الشباب في حزب الوطن السوري فرع الشدادي إلى أن التهميش الذي عاناه شباب سوريا في العقود الماضية كان أشد وطأة في المناطق الريفية والمهمشة مثل الشدادي حيث فقد الأمل تماما لدى كثير من الشباب في أن يكون لهم دور في صياغة أي مستقبل.
أيمن الجاسم عضو قيادة مكتب الشباب في حزب الوطن السوري فرع الشدادي
وأوضح الجاسم أن السنوات الأخيرة أثبتت أن تجاهل الشباب كان من أبرز أسباب الأزمات لذلك نرى في حزب الوطن أن إشراك الشباب لم يعد ترفا بل ضرورة سياسية وطنية ومن خلال مكتب الشباب نعمل على ترجمة هذا المبدأ إلى برامج فعلية ومبادرات محلية.
وأضاف أن في الشدادي كما في غيرها من المناطق هناك طاقات شابة قادرة على إحداث تغيير لكنها تحتاج إلى اعتراف سياسي وتوزيع عادل للفرص.
وتابع الجاسم بأنهم يريدون أن يكونوا شركاء دائمين وأن يكون لصوتهم وزن حقيقي في كل قرار يتخذ من المستوى المحلي حتى الوطني.
ومن هذا المنطلق فإن المرحلة المقبلة تتطلب تحولا جوهريا في النظرة إلى الشباب من اعتبارهم فئة داعمة إلى معاملتهم كمكون قيادي في صياغة مستقبل الوطن، فالشباب ليسوا مادة للاستقطاب المؤقت أو التعبئة الموسمية بل عنصر فاعل في بناء السياسات وإدارة الملفات الوطنية وتحقيق التنمية المجتمعية الشاملة.
كما أن الشباب يجب أن يكونوا جزءا من آليات اتخاذ القرار ومن بنية القيادة الحزبية والتنظيمية لأنهم الأقدر على فهم متطلبات العصر والتعامل مع أدواته فالرهان الحقيقي ليس على أعمارهم بل على وعيهم وانتمائهم وقدرتهم على المزج بين طموح التغيير وحس المسؤولية.
فإعادة الاعتبار للدور الشبابي لا يكون عبر الخطابات وحدها بل من خلال فتح المجال أمامهم للمبادرة وتوفير البيئة التي تحتضن طاقاتهم وتضمن مشاركتهم الحقيقية في صياغة السياسات الوطنية على كل المستويات ما بجعل الشباب في صدارة الاهتمام ليس كتكتيك مرحلي بل كخيار استراتيحي بنيوي دائم.