تمر محافظة السويداء اليوم بإحدى أكثر مراحلها حساسية وتعقيدا وسط مشهد متداخل من التوترات الأمنية والانقسامات المجتمعية وغياب الثقة بين الأطراف المختلفة ما يجري لا يمس السويداء وحدها بل يضرب عمق الاستقرار الوطني ويهدد ما تبقى من الروابط التي جمعت السوريين على مدى عقود رغم كل ما مر على البلاد من أزمات.
في هذا الظرف العصيب تتعالى الأصوات الوطنية الداعية للتهدئة، محذرة من الانزلاق نحو الفوضى ومؤكدة أن مواجهة الأزمة لا تكون بالمزيد من التصعيد بل عبر خطاب عاقل ومسؤول يعيد وصل ما انقطع ويبني جسور الثقة بين أبناء الوطن الواحد فالكراهية لا تنتج إلا مزيدا من العزلة والانقسام والمواجهات العبثية تفتح أبوابا يصعب إغلاقها لاحقا ما لم يتدارك العقلاء الموقف بسرعة وحكمة.
من بين هذه الأصوات برزت دعوة الرفيقة راما حسين رئيسة فرع طرطوس في حزب الوطن السوري التي عبرت بوضوح عن حاجة البلاد لخطاب جديد يرتقي فوق الجراح ويعيد الاعتبار للحوار والتفاهم.
راما حسين رئيسة فرع طرطوس في حزب الوطن السوري
وتقول حسين إن ما تشهده السويداء اليوم يحتم علينا جميعا أن نرتقي بخطابنا ونرفض الكراهية التي لا تنتج إلا مزيدا من القطيعة نحن بحاجة لبناء جسور الثقة بين أبناء الوطن الواحد وإيجاد منابر حوار حقيقية تضع مصلحة الناس فوق كل اعتبار دعونا نتمسك بالتسامح لأنه وحده القادر على ترميم ما تصدع وفتح أبواب المستقبل المشترك.
هذا النداء يعبر عن وعي عميق بأن اللحظة الراهنة تتطلب أكثر من بيانات إدانة أو تبادل اتهامات إنها لحظة وطنية تفرض على الجميع تحمل مسؤولياتهم وتجاوز الحسابات الضيقة والتفكير في مصير الأجيال القادمة التي ستدفع ثمن الانقسامات إذا تركت الأمور للانزلاق نحو اللاعودة.
في الإطار ذاته شددت الرفيقة راية عليوي رئيسة مكتب المرأة في حزب الوطن السوري على أهمية الدور الذي تؤديه المرأة السورية وخاصة في محافظة السويداء في الحفاظ على النسيج الاجتماعي ومنع الانهيار وأكدت عليوي أن المرأة لم تكن غائبة عن المشهد بل كانت في مقدمة الصفوف تواجه الخوف بخطاب السلام وتدافع عن وحدة الأرض والشعب.
راية عليوي رئيسة مكتب المرأة في حزب الوطن السوري
وتقول عليوي في تصريحها إن المرأة لم تكن في السويداء مجرد شاهدة على الألم بل كانت صانعة للموقف حارسة للنسيج الاجتماعي ورافضة للانجرار خلف خطاب الكراهية والعنف وقفت بكل جرأة ومسؤولية تدعو للسلام وترفض الفتنة وتطالب بالحفاظ على وحدة الأرض والشعب نثمن هذا الدور النبيل ونؤمن بأن المرأة السورية في كل مكان تجسد أرقى معاني الوطنية حين تصر على العدل وتدافع عن السلم وتحافظ على كرامة الوطن من أن تدنسها الفوضى.
إن الدعوات التي أطلقتها القيادتان السياسيتان تعكس إدراكا عميقا بأن ما يحدث في السويداء ليس مجرد حدث محلي بل محطة خطيرة في مسار الصراع السوري الطويل تتطلب مراجعة شاملة للمقاربات السياسية والأمنية والاجتماعية التي أوصلت الأوضاع إلى هذه الدرجة من الانفجار.
وفي ظل كل هذا فإن التمسك بالتهدئة ورفض الانجرار إلى الخطابات الطائفية أو المناطقية لا يعد خيارا سياسيا فحسب بل واجبا وطنيا وأخلاقيا على كل من يريد لسوريا أن تبقى موحدة متماسكة قادرة على تجاوز آلامها إن ما يجري اليوم هو اختبار حقيقي لمفهوم المواطنة ولمدى إيمان السوريين بأن الحل يبدأ من الداخل لا من الاصطفافات الخارجية أو النزاعات المسلحة.
إننا اليوم بحاجة إلى شجاعة سياسية وأخلاقية لمواجهة الحقائق المؤلمة والبدء بحوار حقيقي يضع مصلحة الإنسان السوري فوق كل اعتبار الحوار لا الرصاص، العدالة لا الانتقام، الإصلاح لا الإقصاء، هذه هي المفاتيح الحقيقية لبناء مستقبل مختلف يليق بتضحيات السوريين وآمالهم.