يُعرَّف السِّلم الأهلي بأنه التزام جميع المواطنين بالتعايش المشترك واحترام بعضهم البعض، والدفع باتجاه حياة يسودها الوئام والوفاق، ليس بدافع الاضطرار أو الخوف، بل انطلاقًا من قاعدة الأصل الإنساني الواحد إن رفض الاقتتال والتحريض عليه أو تبريره بأي منطق كان ـ سواء عبر الدعاية أو العقائد الدينية أو القومية أو الحزبية ـ يشكل حجر الأساس لصون المجتمع من الانزلاق إلى أتون الحرب الأهلية التي لا تخلّف سوى الدمار وتفسُّخ البنية الاجتماعية.
يرتبط مفهوم السِّلم الأهلي ارتباطًا وثيقًا بفكرة التعايش السلمي المبني على الحوار وتقبل الرأي والرأي الآخر، ونبذ العنف ولغة السلاح والكراهية والتحريض فالسِّلم الأهلي هو البديل الحقيقي للعلاقات العدائية التي تمزق المجتمعات وتزرع الفرقة بينها وهو الحالة التي يسود فيها الأمن والاستقرار ويشعر فيها الإنسان بالطمأنينة والسلام.
وإذا أرادت أي أمة أن تحقق لنفسها تقدما حضاريا مزدهرا، فلا بد لها من أن تحافظ على أمنها وسلمها الأهلي فنعمة الأمن من أعظم النعم التي وهبها الله لنا، ولذا فإن الحفاظ عليها واجب على كل فرد من أفراد المجتمع، بأن يكون رحيمًا متعاونا متسامحا مع أخيه الإنسان.
إن ما يتعرض له مجتمعنا اليوم من أزمات وانتهاكات ـ في ظل ظروف عصيبة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ـ يزيد من حاجتنا إلى التقارب والتعايش وفق معايير الأمن والسلامة، ونبذ الخلافات والمشاحنات التي تولد البغضاء والكراهية وهنا يحضرنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
إن صيانة نسيجنا الاجتماعي مسؤولية جماعية، ولن نحافظ عليه إلا بالحب المتبادل والإيثار، فننبذ العنف ونتبنى اللطف، حتى يحبنا الله ويوفقنا إلى ما فيه خير وطننا وأهلنا. عندها فقط نضمن أن نعيش في ظل أمن وسلام واستقرار، ونشقُّ طريقنا نحو تحقيق أهدافنا المنشودة في مجتمعٍ عانى ما عانى من التشرذم والتكالب عليه من القريب والبعيد.
فلنعمل جميعا من أجل سلامنا الأهلي، فهو صمام أمان حاضرنا وضمانة مستقبلنا.
منهل حمدان عضو قيادة فرع اللاذقية لحزب الوطن السوري