يقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس: “نحن متشابهون أكثر مما نحن مختلفون، والاختلاف لا يعني التنافر، بل فرصة للفهم” هذه المقولة تختصر بعمق ما نحتاجه اليوم في واقعنا السوري، وسط أزمات معقدة وصراعات متشابكة، تجعل من خطاب الكراهية والتحريض تهديداً حقيقياً للوطن والمجتمع، وتضع النسيج الوطني أمام اختبار مصيري. في ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة الماسة إلى إعادة التأكيد على القيم الجامعة التي تحفظ كرامة الإنسان السوري وتصون وحدته في مواجهة مشاريع التقسيم والتشظي.
إن الخطاب العنصري والتحريضي الذي يُبث عبر وسائل الإعلام أو المنصات الدينية والسياسية أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي، ليس مجرد كلمات عابرة، بل هو وقود للفتنة وبوابة مفتوحة أمام الصراعات، كما أنه لا يمكن فصله عن الأجندات الخارجية والمشبوهة التي تسعى لتفكيك وحدة المجتمع السوري وزرع الانقسامات بين أبنائه إننا في حزب الوطن السوري نرفض هذا الخطاب رفضاً قاطعاً، وندينه بكل أشكاله ومصادره، ونعده انتهاكاً صارخاً لجوهر الهوية الوطنية التي يجب أن تقوم على التعددية والاحترام المتبادل.
لقد شكّل الشعب السوري على مدار التاريخ لوحة فسيفسائية فريدة بتنوعه العرقي والديني والثقافي، واستطاع أن يحافظ على تماسكه رغم كل التحديات وكان هذا التعايش دليلاً على أن التنوع ليس سبباً للخلاف بل مصدراً للقوة والثراء الحضاري. وانطلاقاً من هذه الحقيقة فإننا نؤمن أن الرهان على هذا التنوع هو أحد أعمدة رؤيتنا الوطنية والإنسانية وأن أي محاولة لاستهداف مكون أو فئة من فئات الشعب السوري تمثل طعناً مباشراً في وحدة البلاد وانزلاقاً نحو مستنقع الانقسام والاحتراب الأهلي.
لا يمكن القبول بتحويل السجال السياسي إلى ساحة للكراهية والتحريض. فالنقاش العام يجب أن يُبنى على أسس الحوار والعقلانية، وعلى احترام الآخر، لا على تشويهه أو التحريض ضده كما أن الصمت أمام الخطابات العنصرية هو شكل من أشكال التواطؤ، ويؤدي إلى ترسيخ ثقافة الكراهية والانغلاق ولذلك فإن مسؤوليتنا كمواطنين أولاً، وكحزب سياسي ثانياً تقتضي الوقوف في وجه هذه الممارسات والعمل على نشر خطاب بديل يعزز من روح المواطنة ويكرّس قيم العدالة والمساواة.
إن سوريا المستقبل لن تُبنى على أنقاض الكراهية ولا على شفا حفرة من التحريض بل تُبنى بتكاتف أبنائها جميعاً، عبر خطاب يرتقي إلى مستوى التحديات، ويعلي من شأن الإنسان كقيمة مطلقة هذا الخطاب يجب أن يميز بين حرية التعبير والفوضى بين النقد البناء والتهجم بين التنوع الغني والانقسام المقيت.
وعليه، فإننا في حزب الوطن السوري نجدد التزامنا برؤية وطنية جامعة تقوم على بناء دولة ديمقراطية تعددية، يتساوى فيها الجميع أمام القانون، وتحكمها قيم الانتماء والعدالة والحرية لا العصبيات ولا الغرائز وطن يحضن أبناءه ويصون اختلافاتهم، ويمنحهم جميعاً حق الانتماء الكامل والمواطنة الكاملة، بعيداً عن أي تمييز أو إقصاء.
د. محمد درويش
عضو المكتب السياسي الناطق الرسمي باسم حزب الوطن السوري