زرعت كلمة تمكين في أذهاننا منذ كنا طالبات نترقب اليوم الذي تأخذ فيه المرأة دورها الكامل في مختلف المجالات. كنا نعايش التحديات التي تواجهها المرأة عن قرب، نرى القيود المفروضة عليها، وندرك حجم العقبات التي تحول دون مشاركتها الفاعلة. واليوم، نكتب بالخط العريض ونرفع الصوت عاليا عن تمكين المرأة، ليس لأننا نشكك فيما تحقق، ولكن لأننا نسأل:هل تمكنت المرأة سياسيا بالقدر الذي تستحقه؟
لا شك أن للمرأة حضورا في الحياة السياسية، لكنها لم تصل بعد إلى المكانة التي تليق بها. في كثير من الأحيان، يُنظر إليها كواجهة أو ديكور سياسي بدلاً من أن تكون عضوًا فاعلا في صنع القرار. ونعلم جميعا أن المرأة السورية تحملت أعباء الثورة، وعانت من انتهاكات جسيمة، خاصة على يد تنظيم داعش الذي سعى إلى تشويه صورتها وتقويض دورها، إدراكا منه أن المرأة هي أساس المجتمع، وأن هدمها يعني انهيار المجتمع بأكمله.
لكن، ورغم كل التحديات، أثبتت المرأة السورية أنها قادرة على النهوض، وأنها موجودة في المشهد السياسي، سواء في المؤسسات أو الأحزاب. ومع ذلك، فإن هذا الوجود لا يزال محدودا ؛ فبحسب الدراسات، لا تتجاوز نسبة مشاركة المرأة في العملية السياسية، سواء في الانتخابات أو الترشيحات 15% فقط.
إذا كانت المرأة تريد أن تتمكن سياسيا بشكل حقيقي، فعليها أن تبدأ بفهم نفسها أولا، وأن تدرك قدراتها الذاتية. فالوعي بالذات هو الخطوة الأولى نحو التغيير، وهو الذي سيدفعها إلى البحث عن الاستقلال الاقتصادي، الذي بدوره يمنحها القوة والثقة لمواصلة طريقها في المجالات العلمية والثقافية والسياسية.
فكلما ازدادت المرأة قوةً في المجال الاقتصادي، ازدادت قدرتها على فرض نفسها في الحياة العامة، لأن الاقتصاد والسياسة مترابطان بشكل وثيق. فالمرأة ليست مجرد فرد في المجتمع، بل هي قوة محركة وكتلة من المشاعر محملة بأسلحة الصبر والصمود قادرة على تجاوز العقبات ورفع مستواها العلمي والثقافي والسياسي رغم كل التحديات.
إن مشاركة المرأة في الحياة السياسية ليست ترفا أو مجرد حق يجب انتزاعه، بل هي ضرورة ملحة لضمان تمثيل عادل وشامل في الساحة السورية. وجود المرأة في مراكز صنع القرار يساهم في تعزيز فعالية السياسات العامة، ويخلق مجتمعًا أكثر توازنا. لذا، فإن دعم الحركات النسوية والمشاركة في المؤتمرات السياسية، مثل مؤتمر الحركة السياسية النسوية السورية يشكل خطوة حيوية نحو تمكين المرأة ودفعها لأخذ دورها الحقيقي في رسم مستقبل البلاد.
في نهاية المطاف نحن النساء كالنجوم في السماء،، إن اتحدنا، سنصبح الشمس التي تنير العالم. التمكين السياسي للمرأة ليس مجرد شعار، بل هو معركة يجب أن نخوضها بقوة وإصرار، لأن مستقبل سوريا لا يمكن أن يُبنى دون مشاركة فاعلة وحقيقية للمرأة في صياغة قراره.
شيماء الخلف- عضوة المجلس المركزي