أكد الأمين العام لحزب الوطن السوري، الرفيق ثابت الجوهر، في حديث خاص لصحيفة روناهي، أن العدالة الانتقالية تعدّ مساراً متكاملاً من الإجراءات والآليات الهادفة إلى معالجة أخطاء الماضي، وجبر ضرر الضحايا، وردّ الاعتبار لهم، بما يساهم في بناء جسور الثقة وتحقيق المصالحة الوطنية، التي تشكل ركيزة أساسية لإرساء الاستقرار وضمان عدم تكرار الانتهاكات، وصولاً إلى نظام ديمقراطي يكرس حقوق الإنسان.
وأشار الجوهر إلى أن الواقع السوري اليوم يتطلب الاستفادة من التجارب السابقة، موضحاً أن مصطلح “عدالة ما بعد النزاعات”، الذي أسّس لمبادئ شيكاغو عام 2003 بعد سلسلة من الاجتماعات والاستشارات القانونية الدولية، يندرج ضمن سياقات التحول الديمقراطي، وهو تحول لا يمكن أن يتحقق إلا عبر توافق تاريخي مدعوم بإرادة سياسية وشعبية، وبخطوات وإجراءات واضحة.
وأضاف أن مفهوم العدالة الانتقالية كان حاضراً بشكل مستمر في النقاشات التي أعقبت سقوط الأنظمة، كما شهدت دول الربيع العربي محاولات لتطبيقه، حيث قطعت مصر واليمن وليبيا وتونس خطوات مهمة في هذا المجال، إلا أن تعثّر الثورات وهيمنة الثورة المضادة أدّيا إلى تعطيل هذه الجهود. كما لفت إلى بعض التجارب الكارثية في العالم العربي، مثل تجربة العراق، حيث أدى تأسيس هيئة اجتثاث البعث عام 2003 إلى تسريح عشرات الآلاف من الموظفين، ما أدى إلى نتائج كارثية، إذ تحولت العملية إلى انتقام طائفي، ما دفع الكثيرين إلى التمرد المسلح ضد النظام الجديد.
وفي سياق حديثه، شدد الجوهر على أن المرحلة الراهنة تتطلب التركيز على الحوار بين النخب والمكونات السياسية، باعتباره خطوة جوهرية نحو بناء سوريا التعددية الحرة، سوريا التي لا إقصاء ولا إلغاء فيها لأي مكون. وأضاف: “حين نصل إلى سوريا تعددية ديمقراطية تحترم حقوق جميع مكوناتها، يمكننا القول إن الثورة قد حققت أهدافها، فالحرية كانت أول كلمة رفعها الشارع السوري، وهذا ما نحمله في حزبنا من مبادئ قائمة على الحرية والعدالة والكرامة، ونعمل جاهدين مع كل القوى الوطنية لتحقيقها.”
وختم الجوهر بالتأكيد على أن إعادة الثقة بين مكونات المجتمع السوري تمثل حجر الزاوية في أي عملية ديمقراطية حقيقية، مشيراً إلى ضرورة تجاوز الانقسامات العرقية والطائفية، التي كانت من أدوات النظام السابق في حكمه.