شارك الأمين العام لحزب الوطن السوري، ثابت الجوهر، في أعمال الملتقى الرابع “آفاق الحل السوري وتحدياته”، الذي احتضنته مدينة الرقة، بحضور واسع لممثلين عن مختلف المحافظات السورية، إلى جانب شخصيات سياسية وفكرية وفعاليات مجتمعية، في إطار البحث عن مخرج للأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من عقد.
وفي مداخلته، تناول الجوهر جذور الأزمة السورية، مؤكدا أن ضعف منظومة المؤسسات السورية على مختلف المستويات، وغياب هيكلية سياسية واقتصادية متينة قادرة على إدارة الدولة بفعالية، كانا من الأسباب الأساسية التي قادت البلاد إلى الوضع الراهن.
كما أشار إلى أن المخططات الدولية تجاه سوريا لعبت دورا رئيسيا في تعميق الانقسامات وتعطيل أي مساعٍ حقيقية للحل، ما جعل الأزمة تتفاقم في ظل غياب رؤية وطنية موحدة.
وشدد الأمين العام على أن التجاذبات السياسية والتدخلات الخارجية لن تؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد، مما يستوجب البحث عن حلول تعتمد على الإرادة الوطنية السورية وبناء جسور الثقة بين أطياف المجتمع السوري بعيدا عن أي إملاءات أو وصاية خارجية.
وأكد الجوهر على أهمية وحدة سوريا أرضا وشعبا، وضرورة تعزيز الحوار بين مختلف القوى الوطنية في جميع المحافظات السورية، باعتبار أن الحل السياسي المستدام يجب أن ينطلق من الداخل، ويعتمد على مشاركة جميع المكونات دون إقصاء أو تهميش.
وأوضح أن فتح قنوات الحوار بين التيارات السياسية الفاعلة، بمختلف توجهاتها، هو السبيل الوحيد للوصول إلى تفاهمات تعزز الاستقرار الداخلي، وأن أي حل لا يستند إلى توافق وطني شامل سيكون عرضة للفشل.
وفي سياق حديثه عن مستقبل سوريا، أشار الجوهر إلى ضرورة تعزيز مبدأ اللامركزية، باعتباره نموذجا إداريا يضمن مشاركة أوسع في إدارة البلاد، دون المساس بالهوية الوطنية السورية الجامعة مبيناً أن اللامركزية لا تعني التقسيم أو التفكك، بل تُمثل فرصة لإرساء نظام حكم أكثر عدالة، يراعي الخصوصيات المحلية، ويعزز دور المجتمعات في صنع القرار.
وطالب الأمين العام بأن تكون سوريا الجديدة دولة قائمة على المواطنة الحقيقية، حيث يتمتع جميع أبنائها بحقوق متساوية، دون تمييز على أساس العرق أو الطائفة أو الانتماء السياسي، وهو ما يرسخ مسار الحفاظ على اللحمة الوطنية الذي يُعد الركيزة الأساسية للخروج من الأزمة وبناء مستقبل مستقر.
يأتي هذا الملتقى في وقت تشهد فيه الساحة السورية تطورات متسارعة على المستويين السياسي والعسكري، ما يجعل الحوار بين القوى الوطنية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وأكد المشاركون في الملتقى أن مثل هذه الفعاليات تسهم في بناء أرضية مشتركة بين مختلف الأطراف، وتعزز من فرص التوصل إلى حلول وطنية تلبي تطلعات السوريين، بعيدا عن أجندات القوى الإقليمية والدولية.
يُذكر أن ملتقى “آفاق الحل السوري وتحدياته” يهدف إلى إيجاد مقاربات سياسية تواكب المتغيرات الراهنة، وتضع رؤية عملية للخروج من الأزمة، استنادا إلى مبادئ الحوار والتوافق الوطني، في سبيل تحقيق مستقبل أكثر استقرارا لسوريا وشعبها.