أشار عبد القادر الموحد، عضو المكتب السياسي ـ المستشار العام لحزب الوطن السوري، إلى أن عملية اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، تمثل تحولا استراتيجيا في الموقف الغربي تجاه التمدد الإيراني في الشرق الأوسط. وأشار الموحد إلى أن هذا التحول يعكس انتقال إسرائيل إلى أسلوب جديد في إدارة الصراع مع ما يسمى بمحور المقاومة، حيث باتت ترى أن تكلفة استمرار العداء المنضبط مع حزب الله تفوق فوائده، في ظل التوجه نحو مشاريع استقرار كبرى وإدماج إسرائيل في المنطقة.
وأضاف المستشار أن هذه الترتيبات الدولية، التي تشمل مشاريع اقتصادية ضخمة وحركة تجارة إقليمية، تتعارض مع وجود ميليشيات وقوى عسكرية خارج سيطرة الدولة. وقال: “من الواضح أن المنطقة الآن بحاجة إلى دول ضعيفة ولكن منضبطة، قادرة على السيطرة على أراضيها دون تدخلات خارجية.”
وفيما يتعلق بالوضع في لبنان، قال الموحد: “منذ أن سيطر حزب الله على مفاصل الدولة اللبنانية، يعاني لبنان من حالة توتر سياسي واقتصادي مستمر. عمليات اغتيال السياسيين والنشطاء، وتعطيل البرلمان والرئاسة، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، كلها تؤكد أن لبنان بحاجة إلى استعادة سيادته المفقودة، والخروج من هيمنة حزب الله لتعزيز الاستقرار الداخلي.”
ورغم الفوائد المحتملة لاستعادة الدولة اللبنانية سيادتها، يرى الموحد أن الوضع قد يتفاقم نحو صراعات داخلية. وأشار إلى أن “الشعور بالخذلان والإحباط لدى أنصار حزب الله، وما يقابله من شماتة وربما انتقام من أولئك الذين اكتووا باستبداد الحرب، قد يقود إلى حرب أهلية على أسس طائفية ومناطقية، ليس فقط في لبنان ولكن قد تمتد إلى سوريا وأماكن أخرى في المنطقة.”
وأوضح الموحد أن إسرائيل قد تدفع بنشوة النصر إلى استكمال القضاء على أعدائها الإقليميين، بما في ذلك أذرع إيران في سوريا واليمن والعراق. لكنه حذر من أن رفض إيران للتسليم بالهزيمة قد يزيد من مخاطر التصعيد الإقليمي.
وأضاف: “في سوريا، ستكون إيران أكبر الخاسرين. إخراجها من المعادلة السورية بات هدفًا مشتركًا بين اللاعبين الدوليين، بما في ذلك النظام السوري الذي يفضل الحفاظ على بقائه ولو على حساب حلفائه التقليديين. يبدو أن النظام السوري يرى مصلحته في التخلص من النفوذ الإيراني لتعزيز استقراره الداخلي.”
وفيما يتعلق بالتحالفات الإقليمية، أكد الموحد أن الحديث عن شكل التحالفات الجديدة لا يزال مبكرا، لكنه أشار إلى أن “إسرائيل تقترب أكثر من أن تكون جزءا من تحالف عربي غربي إسرائيلي في مواجهة محور المقاومة.” وتابع: “إيران تفقد أوراقها الإقليمية تدريجيا، وهذا من شأنه أن يجعلها قوة هامشية في مواجهة القوى الإقليمية الكبرى مثل تركيا والسعودية، اللتين تسعيان لملء الفراغ الإقليمي عبر توسيع نفوذهما في سوريا ودول أخرى.”
وأشار المستشار الموحد إلى أن إيران قد تواجه خيارين في المرحلة المقبلة: “إما أن تستمر في الضغط على النظام السوري لإبقاءه في محور المقاومة، أو أنها ستستخدم ورقة سوريا للمساومة لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية ترتبط بالحفاظ على نظامها الداخلي.”
واختتم الموحد حديثه بالتأكيد على أن إضعاف إيران سيعزز نفوذ الغرب ويضعف روسيا، خاصة في سوريا، حيث تلعب روسيا دورا رئيسيا في التوازنات الإقليمية. لكنه لفت إلى أن “التنسيق الروسي-التركي والمواقف الروسية المتحفظة قد تفتح الباب أمام توافقات دولية جديدة حول توزيع النفوذ في المنطقة.