تظل قضية المرأة الريفية في سوريا واحدة من أبرز القضايا التي تعكس جدلية التهميش والفاعلية، فهي تحمل في طياتها صورة المرأة التي عاشت سنوات طويلة على هامش الحياة السياسية وصناعة القرار، لكنها في الوقت نفسه كانت العمود الفقري للمجتمع الريفي وحافظة لتراثه وذاكرته الجمعية وعاملاً رئيسياً في اقتصاده ومعيشته، وعلى الرغم من التقاليد الراسخة والذهنية الذكورية التي كبّلت أدوارها إلا أن المرأة الريفية أثبتت قدرتها على تجاوز القيود والمساهمة في رسم ملامح مرحلة جديدة من التحوّلات المجتمعية والسياسية.
قالت آلاء الحمد عضوة المجلس المركزي لحزب الوطن السوري: إن المرأة الريفية كانت وما تزال ركناً أساسياً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي السوري، فهي تتحمّل مسؤوليّات كبيرة في حياتها اليومية وأسرتها ومجتمعها ورغم أنها عانت من التهميش والقيود الاجتماعية والذهنية التقليدية إلا أنها نجحت في كسر هذه القيود وإثبات ذاتها كعنصر فاعل في الحياة العامة.
آلاء الحمد عضوة المجلس المركزي لحزب الوطن السوري
وأضافت أن نساء الريف أصبحن اليوم يشاركن بفاعلية في صياغة القرار المحلي ورسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية وإدارة المشاريع التنموية، الأمر الذي جعل حضورهن ملموساً ومؤثّراً ليس فقط في محيطهن المباشر بل في المشهد العام أيضاً.
ونوّهت إلى أن تمكين المرأة الريفية ودعمها لم يعد مجرّد مطلب حقوقي أو إنساني، بل هو ركيزة أساسية لبناء وطن متماسك وحديث يضع في جوهره العدالة والمساواة، ويمنح المرأة موقعها الطبيعي كشريكة في صناعة المستقبل وصياغة مجتمع لا يعيد إنتاج التهميش أو الاستبداد.
وتبرز الحاجة إلى التأكيد على أن معاناة المرأة الريفية لا تنعكس فقط على دورها الاجتماعي والاقتصادي، بل تمتد لتؤثّر بعمق على حضورها السياسي، حيث ما زالت مشاركتها في مؤسّسات الدولة والقرار السياسي محدودة وهو ما يزيد من حدّة التناقض بين فاعليتها في بناء المجتمع وبين استمرار تهميشها على مستوى التمثيل السياسي.
وبهذا السياق قالت هيلين علي عضوة المجلس المركزي لحزب الوطن السوري: إن المرأة الريفية تعاني من تهميش واضح ينعكس بشكل مباشر على التنمية المستدامة ويؤثّر على علاقاتها الاجتماعية داخل مجتمعها المحلي، بل وحتى على موقعها داخل الأسرة، حيث لا تنال التقدير الكافي رغم ما تبذله من جهود مضاعفة.
هيلين علي عضوة المجلس المركزي لحزب الوطن السوري
وأضافت أن هذا التهميش يتّضح بصورة أكبر في المشهد السياسي إذ ما تزال المرأة الريفية غائبة عن مواقع صنع القرار، ولا تتمتّع بالتمثيل الكافي في صياغة السياسات العامة، الأمر الذي يحرم المجتمع من طاقاتها وقدراتها، ويجعل الفجوة بين احتياجاتها اليومية والسياسات المقرّرة أكثر اتساعاً.
ونوّهت إلى أن تجاوز هذه الحالة يتطلّب إرادة سياسية حقيقية لفتح المجال أمام المرأة الريفية للمشاركة باعتبارها شريكة أصيلة في عملية البناء المجتمعي والسياسي، وأن إشراكها بشكل فعّال هو خطوة لا غنى عنها لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة في سوريا.
ومن هنا نجد أن ملف المرأة الريفية في سوريا ليس ملفّاً ثانوياً أو هامشياً، بل هو أساس في بناء مجتمع متوازن وحديث، فالتحديات التي واجهتها النساء الريفيات عبر عقود طويلة من التهميش لم تلغِ حضورهن الفاعل، بل زادته صلابة وإصراراً على كسر القيود وصناعة التغيير، واليوم مع التحوّلات التي يشهدها المجتمع السوري يصبح تمكين المرأة الريفية ليس خياراً إضافياً، بل استحقاقاً وطنياً لا غنى عنه يضع الأساس لبناء دولة حديثة تعلي من شأن العدالة والمساواة، وتمنح النساء مكانتهن الطبيعية كركيزة في صناعة المستقبل، فالمرأة الريفية ليست على هامش التاريخ بل في صلبه تصوغ بجهدها وصمودها معالم وطن جديد لا يقصي أحداً ويؤسّس لشراكة حقيقية بين جميع أبنائه وبناته.