بدأت الثورة السورية في منتصف آذار مارس عام */ 2011 /* عندَ خُروج مُظاهرات في مُدن سوريّة عِدّة أولها كان في مدينة درعا، مطالبةً بإطلاق الحُرّيات وإخراج المُعتقلين السياسيين من السجون ورفع حالة الطوارئ.
هذا ما ادى الى حالة هيستيرية من القمع الذي أُنتهج بحق المدنيين العُزل من قبل مؤسسات حكومة دمشق الأمنية والعسكرية وهو ما قاد الى مواجهة حتمية ضد المتظاهرين العزل واوقع بينهم مئات الشهداء، والتي ساعدت بتحويل شِعاراتها من الحُرية والمُطالَبة بالتغيير إلى إسقاط مُؤسسات حكومة دمشق الفاسدة وتغيير الدستور.
حالة القمع الهيستيرية هذه قادت الكثير من السوريين في صفوف المؤسستين العسكرية والامنية الى الانشقاق والالتحاق بركب الثورة مُنذ الشهر الثاني على انطلاقها، ومعظم هؤلاء المنشقين من أبناء العشائر السورية والذين اوضحوا أن سبب انشقاقهم هو تلقّيهم أوامر مُواجهة المُظاهرات السلميّة لإطلاق النار على المُتظاهرين العُزّل مِن نِساء وأطفال ورِجال بإستخدام الذخيرة الحيّة، وهنا كان لا بد من تنظيم نفسهم تحت مسمى “الجيشُ السوري الحر”
الذي كانَ هَدفَهُ حِماية الأهالي والمدنيين مِن سَطوة مُؤسسات الحكومة الأمنية والوقوف في وجه المداهمات والإعتداءات التي طالت المُتظاهرين، ومواجهة الآلة العسكرية التي بدأت تتداعى أمام ضربات الثوار مِمّا جعلَ أكثر مِن *70 ٪* مِن الأراضي السورية خارج سيطرة الحكومة.
هذه النشوة بانتصار ارادة الشعب لم تدم طويلاً حتى تداخلت دول اقليمية حرفت مسار الثورة عن جوهرها وحولتها من ثورة شعبية لأزمة معقدة ومركبة وشرذمت صفوف الشعب السوري بولاءات وتيارات متعددة
سهلت على الحكومة بالتعاون مع ميليشيات طائفية عراقية ولبنانية واخرى إيرانية والتي أذاقَت السوريين الوَيلات حرقت الشجر والحجر والبشر بعد أن تم استخدام كافّة أنواع الأسلحة مِن سلاح حارق وذخائِر عنقودية وصواريخ وقذائِف هاون والبراميل المُتَفَجِّرة التي تُحشى بِمواد معدنية ومواد مُتَفَجِّرة تُرمى من المروحيّات على الأهالي العُزّل.
بينما بدأت دول اقليمية واخرى عالمية بدعم فصائل مسلحة تعين قادتها وتطلق مسمياتها بحسب الولاء لها لا لإرادة الشعب السوري.
أبناء شمال وشرق سوريا تركوا لمصيرهم وسط تقهقر حكومة دمشق وارتهان الثوارالذين استشعروا خطر التدخل الخارجي والتمسوا خروج الثورة عن مسارها ليعملوا على ثورة سورية انطلقت من مدينة كوباني في ال١٩ من تموز لعام ٢٠١٢ وكانت بهدف حماية مناطقهم وقراهم وارضهم لتحظى بالتفاف جماهيري شعبي من كل المكونات عربية وكردية وسريانية وسجلت انتصارات سورية حقيقية بعيدا عن اي إملاءات خارجية
فخُروج الثورة السورية عن مسارِها بِأمر مِن الدُوَل الداعمة لِبعض الفصائل، والقضاء على قادّة الثورة الّذين قادوها في بداية الحِراك الّذين لَمْ ولَنْ يَنْجرُّوا خَلفَ دُوَل داعَمة ، ومِن ثُمَّ ظُهور جِهات مُتتالية إرهابيّة تتبَع لِلقاعدة يُمَثِّلُهُم داعش والنصرة .
كان ولا بد من تشكيل جسم عسكري متماسك يحمي ابناء شمال وشرق سورية ففي عام 2015 أعلِنَ عَن تشكيل قُوّات سوريا الديمُقراطية والتي تتمتَّع بِقُوّة عسكرية وطنيّة مُوَحَّدة لِكُلِّ السوريين، تَجْمَع اجسام عسكرية سورية رفضت الانصياع للخارج عمادها ابناء المنطقة من عرب وكرد وسريان وكافّة المُكَوِّنات الأُخرى، وقامَت قُوّات سوريا الديمُقراطية بتحرير كُلّ المناطق الخاضِعة لهيمنة داعش الارهابي ، وقدَّمَت الكثير مِن الشُهداء في سبيل تحرير شمال شرق سوريا.
وباتت قُوّات سوريا الديمُقراطية تبَسط الأمن والأمان وتحظى بدعم واسناد عشائر وقبائل المنطقة الذين التفوا حول أبنائهم في قسد ليكونوا السند والامداد لها وتكون هي درعهم الصلب لتكون قسد ابرز منجزات ثورة ال ١٩ من تموز والتي حلم السوريون الذين خرجوا عام ٢٠١١ ان يحققوا هذه النتائج بقوة عسكرية منظبطة والتفاف جماهيري كبير وتنظيم مجتمعي ديمقراطي بتعددية حزبية ومؤسسات خدمية وقطاعات حيوية ومشروع سوري سوري لا تشوبه شائبة.
بينما العشائر والقبائل بعربها وكردها وكافة المكونات السورية والتي ذاقت الامرين من تهميش حكومة دمشق وسطوة داعش وشرذمة الجيش الحر وجدت نفسها ممسكة بسواعد بعضها البعض داعمة ومساندة ومؤازرة لحراك السوريين الحقيقي والجوهري بعيدا عن المصالح الدولية والاقليمية والذي يعتبر عماد هذا التماسك الشعبي ثورة ال١٩ من تموز والتي جاءت امتدادا حقيقيا لثورة اذار من العام ٢٠١١ بمشروع سوري خالص يدعو للتكاتف والتسامح والأمن والأمان والعيش الكريم بحرية وعدالة وكرامة.
ومن منجزات هذه الثورة على الأرض اليوم هو هيئة الأعيان التي تظم جميع مُكَوِّنات شمال شرق سوريا، ومِن مُخرَجاته مُلتَقى العشائِر الذي شدد على وحدة الصف ونبذ التفرقة وسلامة ووحدة سوريا أرضا وشعبا وخلاصة القول.. اننا كسوريين وبمناسبة هذه الذكرى التي سُطرت بدماء الألاف من دماء أبنائنا الأبطال، نمد يدنا لكل السوريين من مُعارَضة وموالاة معتدلين يؤمنون بالحل السوري السوري، في الداخل والخارج، لنساهم في إيجاد حَل وحِوار حقيقي يكون جسراً متيناً يُنهي المعاناة ويفضي لإعادة اللاجئين إلى الوطن الأُم سوريا وإلى ديارهم، ونَتَطَلَّع إلى تحقيق مطالِب شعبنا بتماسكنا ووحدتنا واستقلالية قرارنا، وأنْ تبقى سوريا واحِدة بِكُلِّ قوّمياتها وأديانها وطوائفها.
الرحمة للشُهداء والحُريّة لِلمُعتَقَلين والنَصر لِثَورة الحُريّة والكرامة السورية.
بقلم: عبد الرزاق متعب الملحم
عضو المكتب السياسي
رئيس مكتب شؤون العشائر